الاثنين، 1 أغسطس 2011

الوضع النفسي للأطفال الفلسطينيين في محافظات غزة – الدكتور فضل أبوهين ــ تقديم الشيخ محمد حسني البيومي الهاشمي


 

الوضع النفسي للأطفال الفلسطينيين في محافظات غزة

الانسحاب الإسرائيلي من غزة وعلاقته  بالمشاكل النفسية والانفعالية لدى الأطفال
دراسة مقارنة بين مشاكل الأطفال والوالدين قبل وبعد الانسحاب

إعداد
د.فضل خالد أبو هين


*********************************  

توطئة تحليلية للشيخ والمفكر الاسلامي
محمد حسني البيومي الهاشمي
********************************** 

مما لا شك فيه أن الهجمة الاسرائيلية الوثنية التي داهمت ببربريتها على واقع أمتنا الاسلامية .. وفي فلسطين تحديدا .. وتحديدا تقدمها بدعم الحادي رأسمالي عالمي تقوده الماسونية العالمية نحو القدس .. إنما وعدا إلهيا نحو مرحلة عبادا لنا في القدس  وفلسطين وتمحور بوصلة التحدي بين الإيمان كله وفيما بين  الكفر كله ..
 وهذا ما تجسد عبر القرن الماضي .. وحيث تواريخ النكبة في فلسطين والتي كما ذكرنا في كتابنا الهام :
 " تصفية العملاء التاريخ وجذور الأزمة "
 إنها قد تركت الهجمة الاسرائيلية آثارا بربرية وخيمة
على الأمة المؤمنة والمرابطة في الأرض المقدسة .. وأزمات ثاقبة أثرت بشكل غير محدود على الذهنية والمنهج التفكيري العقلاني بسبب سياسات المصالحة مع العدو الصهيوني .. وما ترتبت عنه هذه السياسات وهذه المصالحات ..هو اخطر بكثير في تحليلنا من خطورة المحتل النازي !! وهو الاعتراف بالنازية الوثنية الاسرائيلية الزاحفة  .. والشروع في تعبئة مقلوبة جذريا في عقل الانسان والشعب وهم أهل فلسطين ..
 من خلال الاعتراف بشرعية الغزاة ، وإيجاد القوانين الرجعية البديلة والتي قتلت الى حد كبير روح المواجهة والشروع نحو الكمال والبناء النفسي الحقيقي والمرتكز على أساسيات الشريعة الالهية ..                وخطت المصالحات كما يعلم الجميع على قاعدة أن :
 " الخيانة وجهة نظر !! " 


وهنا يكمن السر في هذه المداخلة التي سبقت زميلنا الدكتور فضل أبوهين ومع تقديري الفائق لخبرته الجيدة والقيمة في مجال التحليل النفسي ... لكني زلت عند حدودي ورؤيتي أن الخطر النفسي
على أهل فلسطين والعالمين ..
 إنما يكمن في اجتثاث السرطان الاسرائيلي من مساحات الوجود ..  وهذا ما يدعونا جليا لخلق رؤية جهادية كفاحية جديدة ترتكز على ثقافة الإيمان الروحي المقبلة .. والذي لا يخفى على كل قرائنا وجهتنا الفكرية في بناء الانسان في فلسطين ، والذي بكل أسف لا زال يعيش في غربة نتاج فكر الوثنية الوطنية المسلوبة .. وهي التي انتهت بكل أطرها السياسية والمذهبية الرجعية على كرسي " أوسلوا " !! وهو الذي أنفذه الخونة من الأعراب وهم الأشد كفرا ونفاقا .. جاؤوا بمسخ الحركة وضربوا العقل الروحي في اخص خصائصه العقيدة .. وهذا هو أصل الخلل عند الجماهير في فلسطين والمنطقة .. وهو الذي لا يحتاج أخي فضل أبوهين لقياسات التحليل النفسي المتغرب .. وإنما إلى ثورة روحية تؤسس لجيل ثوري رباني منزه عن الشرك وعبادة الآلهة البشرية والمنظمات الدخيلة على ثقافتنا !!  ولنعود لبناء أطفالنا ونشئنا من جديد على ثقافة إلهية جديدة .. لا يعتريها غبرة من انتماء للفكر الطائفي اوالمذهبي المضاد للفطرة الانسانية .. وهو الملتقي تماما مع أعداء الأمة التاريخيين .. بوصلة التحدي على أطفالنا وقياسات الرأي .. أو التحليل النفسي في الجامعات خطرة من تمزق العقل السياسي والحزبي والأطري .. !! وهو الذي يقدم مصلحة الفرد وغاياته على المجوع ومصلحة الحزب الغائي على الطرح الرباني .. وفيه يستغل الدين والسياسة تجارة !!  في أزمان الاستعباد والنخاسة .. وبرمجه العقل الاسلامي إلى عقل أعرابي كريه هو اقرب لليهودية القبلية في زمن السبي البابلي !! نحو نريد ثورة نفسية تؤسس لقواعد وأبجديات جديدة للنهضة الالهي في العقل .. تهيئ الأمة إلى حالة ايمانة روحية وهذا هو المخرج وبالله التوفيق ومنه السداد ..

*********************************  

بتاريخ 28/9/2000 بدأت انتفاضة الأقصى الفلسطينية التي تلت زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون للحرم القدسي الشريف، وما تلى ذلك من اندلاع لسلسة المواجهات التي قادها الأطفال والفتيان الفلسطينيون باختلاف أعمارهم وجنسهم ضد الجيش الإسرائيلي بدءاً بساحات المسجد الأقصى وانتهاءً بكل شبر من الأراضي الفلسطينية المحتلة والمحررة، لذلك قوبلت  بعنف محموم من جانب السلطات المحتلة والتي أدت في مجملها إلى تعرض الأطفال إلى كل ما يمكن أن يتعرض له المدنيين في أي حرب من الحروب التي يفقد فيها المدنيين حياتهم، فقد ذكرت إحصاءات وزارة الصحة الفلسطينية أن نسبة الأطفال الشهداء الذين فقدوا حياتهم من جراء الانتفاضة مقارنة بالنسبة العامة بلغ 35% من مجمل الشهداء، وهناك العديدين الذين فقدوا حياتهم في أماكن لا تدل على مشاركة الطفل في أحداث الانتفاضة،مثل التعرض للموت في داخل المنزل أو أثناء الذهاب للمدرسة أو خلال اللعب أو خلال القصف العشوائي التي تقوم به الدبابات والطائرات الإسرائيلية بصورة دائمة على مساكن الفلسطينيين والتي نتج عنها لدى البعض دمار كامل للمنزل ولدى البعض الآخر دماراً جزئياً مما اضطر تلك العائلات إلى الرحيل عن المكان نشوداً للأمن والاستقرار النفسي للأبناء.
لقد تبين من الدراسات العالمية التي أجريت حول مدى تعرض الأطفال للمخاطر وعلاقة ذلك بردود الفعل النفسية والانفعالية ما فيه الكثير لتوضيح تلك العلاقة، فقد أوضحت نتائج دراسات "فرويد وبولنج هام 1946" حول مشاكل الأطفال من جراء أحداث الحرب العالمية الثانية بأن التعرض للقصف وأصوات الطائرات والمدافع أدى إلى ظهور الخوف والقلق وظواهر التعلق الانفعالي الشديد للأطفال بوالديهم، وأدى إلى درجة عالية من عجز الآباء في توفير الحماية والأمن للأبناء بسبب أحوال الحرب والقصف المتواصل الذي كان يهدد حياة الوالدين والأسرة.     
    "بوناماكي :1987"
وأوضحت كذلك دراسة "ثابت:2002" بأن الأطفال الأكثر عرضة لمخاطر الانتفاضة سواء ما يتعلق بالإصابة أو فقدان الحياة، و أي شكل من أشكال المخاطر المتعلقة بالممارسات اليومية الصادرة عن الاحتلال، كانوا أكثر ميلاً للانطواء والهدوء والعزلة وكراهية مشاركة الآخرين في الفعاليات الاجتماعية، إضافةً لظهور العديد من اضطرابات التعلق بالوالدين والقلق والمشاكل المدرسية من سوء تركيز ومشاكل في الانتباه والقدرة على القراءة".       "ثابت:2002"
كذلك بينت نتائج دراسات عدد من الباحثين في فلسطين بأن حوالي 70% من أطفال فلسطين قد تعرضوا بصورة أو بأخرى لمواقف الخطر المتعلقة بالانتفاضة سواء بصورة مباشرة آو غير مباشرة"أبو هين:1993، قوته: 1992:1993:1995:1996 وكذلك دراسات السراج:1996:1997 وكلها تدعم بصورة كبيرة نتيجة مفادها أن التعرض للمخاطر المتعلقة بالانتفاضة لها آثارها الكبيرة على الصحة النفسية والانفعالية للأطفال.
أما بخصوص الوالدين، فإن درجة تأثرهما كانت بصورة كبيرة أيضاً وذلك لطبيعة الدور المتوقع منهما خلال الظروف الخطرة، وكذلك طبيعة ما هو مطلوب منهما خاصةً فيما يتعلق بتوفير للأمن والراحة لا نفسهما وللأطفال.فقد بينت بعض الدراسات "أبو هين:2002" بان الوالدين داخل الأسرة ظهرت لديهم العديد من الأعراض والتغيرات النفسية والسلوكية والمزاجية كنتاج لتعرضهما لأحداث الانتفاضة بصورة أضعفت قدرتهما على توفير الأمن والآمان للأبناء،
فقد تبين أن الآباء أصبحوا أكثر توتراً وأقل تحملاً للأبناء، وأكثر عصبية ونفوراً في الأبناء.
أصبحوا كذلك أكثر نقداً وتجريحاً للأبناء وأقل ممارسة لأساليب التفاهم والاتصال الفعال خلال الأزمات، مما كان لذلك التغير الأثر الكبير على تحميل الأبناء المزيد من الضغوط النفسية بسبب حاجتهم الماسة للقرب من الآباء وشعورهم بالأمن في ظل قرب الوالدين منهم وإعطاؤهم ما يحتاجونه خلال الأزمة التي تخل بقدرات الأبناء على المواجهة والتأقلم وتزيد من حاجته لوجود آخر يعتمد عليه ويستمد منه القوة للبقاء.             "أبو هين:2001"
لقد تعرض المجتمع الفلسطيني للعديد من مظاهر البطش والانتهاك المبرمج لحقوقه ولحقوق الأطفال وشعر الأطفال بعدم القدرة على الشعور بالأمن بسبب حجم التعرض للمخاطر
وإحساس الطفل بأنه لا يوجد مكان آمن يوفر له ما يحتاج من هدوء وراحة، خاصة في ظل تعرض بعض الأطفال للكثير من المخاطر في أكثر الأماكن أمناً وراحةً للأطفال، فقد تعرض البعض للموت داخل المنزل، والبعض الآخر تعرض للموت وهو بين يدي والديه، والبعض خلال ذهابه للمدرسة أو لاحقه الموت وهو داخل المدرسة، أو خلال اللعب، فإذا ما تصورنا ما يحمله المنزل من معنى وما يحمله الوالدين والمدرسة والمدرسين من معنى في ذهن الطفل خاصةً في أجواء الخطر، فإذا تعرض الطفل لأي خطر فإنه يذهب مسرعاً للاحتماء بالمنزل واللجوء لأحضان الوالدين، أو للمدرسة وللمدرسين، ولكن حينما يتعرض المنزل للدمار أو القصف أمام أعين الأطفال ويتعرض الوالدين للموت أو الإصابة أمام الطفل، وتتعرض حياة الطفل للخطر داخل المدرسة، فهذا يؤدي بالطفل إلى فقدان كل ما يمثله الوالدين والمنزل والمدرسة من معانٍ داخل الطفل. من هنا نتوقع ازدياد شعور الأطفال بالقلق وسوء الأمن في ظل انتشار المخاطر المتعلقة بالانتفاضة.
هذا المناخ وهذه المشاهدات وحجم الخطر أمام الطفل وشعور الطفل بعدم الأمن هو الذي دفع بالعديد من الأطفال إلى أخذ زمام المبادرة والمسؤولية لمواجهة المخاطر والتدافع نحو المخاطر.
ففي دراسة "أبو هين:2001" حول تدافع الأطفال نحو الاستشهاد تبين أنه كلما شعر الطفل بفقدان الأمن خاصة في ظل تعرض الوالدين للموت أو الإصابة أو الإهانة أمام أعين الأطفال، كلما تدافع الأطفال إلى ساحات المواجهة والخطر لأخذ زمام المبادرة للدفاع عن أنفسهم ومجتمعهم بصورة تزيد من تعرضهم للمخاطر، حتى غدا بسلطات الاحتلال إلى انتهاج سياسة تصيد الأطفال الصغار إمعاناً منهم في تشويه الجيل وزرع روح الرعب لدى البعض والقتل لدى البعض الآخر.
إن المشاركة في الانتفاضة رغم ما تحمله من مخاطر على الأطفال غيرت من إحساس الطفل بالكثير من المشاعر أهمها انه بدء يشعر بالإيجابية، فالانتفاضة والمشاركة فيها وفي هذا التوقيت بالذات، هي علاج نفسي للسكان الذين يعانون وعانوا من آثار التراكمات المتواصلة لسلسلة طويلة من القهر والهوان، وهي أيضاً كما وصفها بعض الباحثين بأنها علاج جماعي تحول فيها المجتمع الفلسطيني من طور الضحية إلى حالة السيادة والتحكم في المصير." “Nashef ; 1990” وبدلت دماء المهانة والاستكانة الذي حاول الاحتلال غرسه داخل شرايين الفلسطينيين إلى دماء كرامة وفاعلية وشموخ، وكان لهذا ثمنه الباهظ على صعيد المجتمع والوالدين والأطفال من خلال درجة تعرضهم للمخاطر والمواقف الحياتية وانعكاسها على الصحة النفسية للأبناء والآباء.
وبتاريخ 13/9/2005 كانت غزة خالية من الجيش والمستوطنين الإسرائيليين ،وقد كان لهذا الحدث وقعه المؤثر جداً على شرائح السكان لدرجة جعلت السكان لم ينتظروا حتى الصباح لمشاهدة آثار الانسحاب، بل خرج  جموع المواطنين والأطفال كباراً وصغاراً نسوة وبناتاً لمشاهدة آثار المستوطنات التي حرموا من الاقتراب منها مدة ثمان وثلاثون سنة،ذهب جموع المواطنين للوقوف على الأماكن التي استشهد فيها أبنائهم،وجرح فيها أعزاء لهم ، ووقفوا على كل الأماكن الاستيطانية التي كانوا يسمعون عنها ويشاهدونها فقط من بعيد أو حتى عبر شاشات التلفزيون ولم يستطع احد الاقتراب منها.
لقد شكل الانسحاب من غزة فضاءاً واسعاً أمام السكان ومتنفساً كبيراً لهم ، فقد بلغت مساحة الأرض التي أقيمت عليها المستوطنات وكذلك الأراضي التي كانت القوات الإسرائيلية تستخدمها لحماية المستوطنات من طرق ومواقع للجيش ومواقع احتجاز للفلسطينيين بلغت حوالي 40% من مجمل مساحة قطاع غزة، وان حوالي 60% من مجمل أراضي القطاع كان يقيم عليه حوالي مليون ومائتي ألف مواطن ، أي أن غزة من أكثر بقاع الأرض ازدحاماً ، لذلك قلت فيها المتنزهات وأماكن الترفيه التي يستخدمها الأطفال للعب واللهو، ولهذا فحينما انسحب الجيش من المستوطنات شعر السكان بان هناك فضاءاً حراً وواسعاً وسهولة في حياتهم وتنقلاتهم، وأصبحت العائلات المقطعة الأوصال قبل الانسحاب والتي لم يتزاور أفرادها خلال سنوات طويلة ولم تتح لها مشاركة بعضها البعض في المحن والسراء، أصبحت الآن قادرة على التواصل والمجاملة ، وان هناك جيل من الأبناء الصغار ولدوا خلال انتفاضة الأقصى ولم تتح للعائلات معرفة أو مجاملة بعضها البعض في هذه المناسبات بفعل الاغلاقات والحصار والإجراءات التعسفية ضد السكان، من هنا شكل الانسحاب تواصلاً بين العائلات الفلسطينية ومتنفساً ومتنزهاً للسكان وتحديداً للأطفال ، فأصبحت الأسرة التي لم تأتمن على ولدها من الذهاب والتنقل من مكان لأخر خوفاً من الاستهداف والموت، أصبحت الآن تشعر بأنه لا قلق على تنقل الطفل ومروره من هنا وهناك ، فأدى ذلك إلى راحة الأهل وراحة تفكيرهم تجاه الأبناء.
إن الانسحاب من غزة أزال عوامل الخوف ومصادر تهديد الحياة للعائلة الفلسطينية، فمثلما ارتفع الخوف والقلق خلال وجود هذه المؤثرات، فإن غيابها أغاب معها ما يرتبط بها وينتج عنها من ردود فعل سلوكية وانفعالية وعاطفية ونفسية لدى الأهالي والأطفال، من هنا نتوقع أن يكون للانسحاب من غزة أثره البالغ على الحياة النفسية والانفعالية للآباء والأطفال مثلما كان لوجود وممارسات الاحتلال السلبية الأثر السلبي على حياتهم النفسية والاجتماعية والسلوكية ، وهذا ما سيحاول البحث توضيحه. 
مشكلة الدراسة:

لقد تعددت الدراسات التي تناولت مشاركة الأطفال في أحداث الانتفاضة وحجم المخاطر التي تعرضوا لها من جراء ذلك وتعددت النتائج التي تم التوصل لها والتي عكست في مجملها الكثير من الآثار السلبية لهذا التعرض، لكن بصورة عامة لم نشاهد أي دراسات تناولت آثار خروج الجيش والمستوطنين الإسرائيليين عن محافظات غزة ، وما نتج عنه من العديد من النتائج الايجابية ، لكن  نستطيع  أن نصوغ مشكلة الدراسة الحالية في التساؤل الرئيس التالي:
"ما هي الفروق بين المشاكل النفسية والانفعالية للأطفال وللآباء الفلسطينيين في محافظات غزة قبل وبعد الانسحاب الإسرائيلي  من محافظات غزة ؟ ".
وينبثق عن هذا التساؤل الرئيس التساؤلات الفرعية التالية:
     1.         ما هي درجة المشاكل النفسية والانفعالية للأطفال والوالدين قبل وبعد الانسحاب بصورة عامة.
     2.         هل توجد فروق داله بين مشاكل الأطفال النفسية والانفعالية قبل وبعد الانسحاب تعزى لمتغير مكان الإقامة.
     3.         ما هي أكثر المشاكل النفسية والانفعالية للأطفال قبل وبعد الانسحاب.
     4.         ما هي درجة تأثر الآباء الفلسطينيين نفسياً قبل وبعد الانسحاب بصورة عامة.
     5.         هل توجد فروق دالة بين مشاكل وتأثر الآباء قبل وبعد الانسحاب يعزى لمكان الإقامة.

أهداف الدراسة:
بما أن الدراسة الحالية تتناول موضوعاً من موضوعات الساعة وهو حجم تعرض الأطفال الفلسطينيين للمخاطر المتعلقة بممارسات الجيش الإسرائيلي العنيفة ضد الأطفال والسكان والمتعلقة بالانتفاضة، ومدى انعكاس هذه الممارسات عليهم وعلى ردود الفعل السلوكية والانفعالية سواء على الأطفال أم على الوالدين،وتأثير ما تركه الانسحاب الإسرائيلي من محافظات غزة من راحة وطمأنينة وهدوء نفسي،  فإننا نتطلع من وراء ذلك إلى تحقيق الأهداف التالية:
1.      التعرف على درجة المشاكل النفسية والانفعالية للأطفال والوالدين قبل وبعد الانسحاب بصورة عامة.
2.      معرفة ما إن كان هناك فروق داله بين مشاكل الأطفال النفسية والانفعالية قبل وبعد الانسحاب تعزى لمتغير مكان الإقامة.
3.      التعرف على أكثر المشاكل النفسية والانفعالية للأطفال قبل وبعد الانسحاب.
4.      التعرف على درجة تأثر الآباء الفلسطينيين نفسياً قبل وبعد الانسحاب بصورة عامة.
5.      معرفة ما عن كان هناك فروق دالة بين مشاكل وتأثر الآباء قبل وبعد الانسحاب يعزى لمكان الإقامة.
مصطلحات الدراسة:
1-الانسحاب من محافظات غزة:
يمكن تعريف الانسحاب بأنه :انتهاء الحكم العسكري الإسرائيلي عن محافظات غزة والتي استمر منذ عام 1967 وحتى 13/9/2005 وخروج قوات الاحتلال من غزة وتسليم كامل قطاع غزة إلى السلطة الفلسطينية.
2-المشاكل النفسية والانفعالية:
1-يعرفها كفافي (1989) بأنها:
        اضطراب وظيفي غير مصحوب باختلال جوهري في إدراك الفرد للواقع، وهي محاولات غير ناجحة من جانب الفرد للتعامل مع الصراعات الداخلية ومع المشكلات في العالم الخارجي، ولكن تظل الشخصية متماسكة، حيث يصيب الاضطراب بعض جوانبها فقط، وغالباً ما يظهر هذا في مجال العلاقات البين شخصية أكثر مما يظهر في الحياة العقلية.(كفافي، 1989).
2-ويعرفها بلقيس (1989) بأنها:
        (بلقيس،لفرد لهدف محدد لا يستطيع بلوغه بالإمكانيات المتوفرة لديه، أو بصورة السلوك المألوفة ولا يرى طريقاً واضحاً يقوده إلى ما يريد، بحيث يؤدي هذا الموقف إلى اختلال التوازن المعرفي والانفعالي. (بلقيس ،1989)
3-وتعرفها سلامة (1984) بأنها:
        عبارة عن سلوك متكرر الحدوث غير مرغوب فيه، يشير إلى استهجان البيئة الاجتماعية ولا يتفق ومراحل النمو التي وصل إليها الفرد، وتظهر في أعراض سلوكية معينة ويمكن ملاحظتها في أداؤه اليومي.(سلامة، 1984)
4-وتعرفها عزازي (1990) بأنها:
        (عزازي،سلوكيات والتصرفات التي تصدر من الطفل والتي لا تتفق مع ما يتوقعه منه الجميع ذات الأصل النفسي، وتتخذ صفة التكرار والاستمرارية وتمثل خروجاً عن المألوف لدى الأطفال في مثل سنه وخروج على قوانين وأخلاقيات المجتمع.(عزازي ،1990)
5-ويعرفها قاسم (1994) بأنها:
        (قاسم،ن تصرفات أو أفعال متكررة الحدوث بشكل مستمر وتتميز بنوع من الشدة فتستثير استهجان القائمين على الطفل نظراً لتجاوزها معايير السلوك المتعارف عليها داخل البيئة وتبدو في شكل أمراض قابلة للملاحظة يرصدها القائمون على الطفل من خلال التفاعل اليومي معه.(قاسم ،1994).
6-ويعرفها أبو هين (2001) بأنها:
        السلوك الصادر عن الطفل ويخرج عن نطاق المألوف بحيث يجعل الطفل عرضه لنقد الغير مما يسبب له سوء التكيف مع المحيطين، أو المشاعر والانفعالات التي تسيطر على الطفل مثل الكآبة والعزلة والحزن، وتجعل الطفل غير متوافق مع المحيطين به.(أبو هين، 2001)
الدراسات السابقة:
1-دراسة أبو هين 2001:
أجرى (أبو هين،2001) دراسة حول المشاركة في فعاليات انتفاضة الأقصى وعلاقتها بالمشاكل النفسية والانفعالية لدى الأطفال "تدافع الأطفال نحو الاستشهاد " ، وقد طبقت الدراسة على عينة من الأطفال والفتيان يقدر عددها بحوالي 969 طفل من سن 9-15 سنة وقد استخدمت في الدراسة أدوات لقياس درجة تعرض الطفل للأحداث الناتجة عن الانتفاضة وكذلك مقاس روتر للمشاكل النفسية والانفعالية وقد خرجت الدراسة بالنتائج التالية :
       1.         أن حوالي 90% من الأطفال يفضلون المشاركة في فعاليات الانتفاضة، بينما شارك بالفعل حوالي 42% من الأطفال.
       2.          أن حوالي 45% من الأطفال الذين شاركوا في الانتفاضة قد تعرضوا للإصابة بصورة أو بأخرى من صور الإصابة الشخصية.
       3.         أن حوالي 74% من الأطفال يفضلون الاستشهاد دفاعاً عن الوطن ومحاربة للإسرائيليين بل واخذ المبادرة بأنفسهم.
       4.         أن 79%  من الأطفال يفضلون الاستشهاد دفاعاً عن فلسطين وأنهم يندفعون نحو الخطر بسبب العنف الإسرائيلي الواقع على السكان، فكلما زاد العنف الإسرائيلي زادت مشاركة الأطفال في فعاليات الانتفاضة.
       5.         أن 50% من الأطفال يتدافعون للمشاركة في فعاليات الانتفاضة بسبب إحساسهم بالإحباط الشخصي الناتج عن الممارسات الإسرائيلية.
       6.         أن حوالي 90% من الأطفال لديهم أحد التغيرات والأعراض السلوكية أو أكثر كنتاج عن التعرض للظروف الصعبة.
       7.         أن 60% من الأطفال لديهم أعراض نفسية وفقاً لمقياس روتر  وان حوالي 40% من الأطفال ظهرت لديهم الأعراض المضادة للمجتمع."أبو هين :مجلة جامعة الأقصى،2001"
2-دراسة أبو هين 2001
        أجرى (أبو هين ،2001) دراسة حول تقدير الذات وعلاقته بالتوافق النفسي والاجتماعي لدى الشباب الفلسطيني المشارك في انتفاضة الأقصى  ، وقد طبقت الدراسة على عينة من الشباب والفتيان يقدر عددها بحوالي 500 فتى من سن 16-18 سنة ،250 فتى من محافظة رفح وحوالي 250 من محافظة خان يونس ،وقد استخدمت في الدراسة عدة أدوات منها مقياس تقدير الذات ومقياس التوافق النفسي والاجتماعي، وقد توصلت الدراسة إلى وجود فروق دالة إحصائياً في تقدير الذات بين الفتيان المشاركين والغير مشاركين في فعاليات الانتفاضة تعزى لصالح الذكور المشاركين،ولم توجد فروق دالة في تقدير الذات تعزى لمكان الإقامة، كذلك وجدت فروق دالة إحصائياً  في درجات التوافق الاجتماعي بين الذكور المشاركين والغير مشاركين في فعاليات الانتفاضة لصالح الذكور المشاركين ، ووجدت فروق ارتباطيه دالة بين تقدير الذات والتوافق النفسي الاجتماعي لدى أفراد العينة. "أبو هين :مجلة جامعة الأقصى،2001"
3-دراسة أبو هين 2001:
أجرى أبو هين (2001) دراسة حول التأثيرات النفسية الإكلينيكية لهدم الجيش الإسرائيلي المنازل على الصحة النفسية للأطفال الفلسطينيين "دراسة حالة" وقد تم استخدام المنهج الإكلينيكي في دراسة أحد الحالات المتأثرة بهدم المنزل،وقد بينت الدراسة ارتفاع حالات القلق والتوتر وتأثر الوضع النفسي والجسدي للأطفال من جراء الإجراءات الإسرائيلية المتبعة ضد الفلسطينيين كنوع من العقاب الجماعي."أبو هين :مجلة جامعة الأقصى،2001"
4-دراسة أبو هين والسراج 1992:
أجرى (أبو هين والسراج ،1992)دراسة حول تأثير تعرض الأطفال للعنف في انتفاضة 1987 على الأطفال وتقدير الذات لديهم ، وقد طبقت الدراسة على عينة من الأطفال يقدر عددهم 2779 طفل ممن تقع أعمارهم بين 7-15 سنة ، وقد تم  استخدام بعض المقاييس للخبرات الصعبة الصادمة ومقياس لتقدير الذات لدى الأطفال،وقد توصلت الدراسة إلى النتائج التالية :
       1.        أن حوالي 45% من أطفال العينة تعرضوا للخبرات الشخصية الصعبة وتحديداً تعرضوا للضرب الشخصي.
       2.        أن حوالي 55% من الأطفال شاهدوا أحد أفراد الأسرة يتعرض للضرب الشخصي أمام أعينهم بصورة نتج عنها خوف الطفل وتزايد حالات فقدان الأمن.
       3.        أن الأطفال الذين شاركوا شخصياً في فعاليات الانتفاضة كانوا أقل خوفاً وارتفعت لديهم درجة تقدير الذات بصورة دالة إحصائياً.
       4.        أن الأطفال السلبيين الذين لم يشاركوا في فعاليات الانتفاضة واكتفوا فقط بالمشاهدة
ظهرت لديهم أعراض الخوف والتوتر بصورة عالية وانخفضت لديهم درجات تقدير الذات بصورة تشير إلى أن المشاركة حصنت الطفل ودعمته عاطفياً بصورة فاعلة.       "أبو هين والسراج،1992:برنامج غزة للصحة النفسية"
5-دراسة أبو هين 1993 :
أجرى (أبو هين،1993) دراسة حول الصحة النفسية لدى الأطفال المتأثرين بالعنف في غزة،وقد طبقت الدراسة على عينة من  الأطفال الفلسطينيين الذين تعرضوا للعنف خلال الانتفاضة الأولى والذين بلغ عددهم 87 طفل ممن تقع أعمارهم بين 8-15 سنة ، وقد تم استخدام بعض المقاييس لقياس شدة تعرض الطفل للصدمة النفسية وبعض المقاييس النفسية لدراسة التأثيرات النفسية الناتجة عن هذا التعرض، وقد نتج عن الدراسة النتائج التالية :
       1.         أن حوالي 40% من أطفال العينة يعانون من مشاكل النوم والخوف من الظلام ومن حلول الليل، لأنه يرتبط بأحداث صعبة لديهم مثل اقتحام للمنازل ليلاً.
       2.         أن حوالي 67% من الأطفال يعانون من الإفراط الحركي .
       3.         أن حوالي 48% من الأطفال يعانون من السلبية والعزلة وعدم المشاركة.
       4.         أن حوالي 25% من الأطفال ظهرت لديهم المشاكل الانفعالية مثل الحزن والتوتر والقلق والمخاوف الغير منطقية.
                                "أبو هين،1993،برنامج غزة للصحة النفسية"
7-دراسة أبو هين والبدور 1994:
أجرى ( أبو هين والبدور 1994) دراسة مقارنة بين الأطفال الفلسطينيين والإسرائيليين حول تأثير البيئة العنيفة على نمو الأطفال النفسي والانفعالي وتقدير الذات لدى الفتيان في بيئات مختلفة، وقد تكونت عينة الدراسة من 94 طفل وفتى عربي من بدو بئر السبع ،و حوالي 125 طفل فلسطيني من قطاع غزة ، وحوالي 112 طفل إسرائيلي، وقد استخدم الباحث مقياس قائمة الأعراض المرضية 90 المعروفة باسم SCL 90 واختبار تقدير الذات ، وقد تبين من الدراسة أن أقل درجات القلق والتوتر وجدت لدى الأطفال اليهود بسبب قلة تعرضهم لمصادر العنف في بيئتهم
بينما أظهرت عينة العرب البدو درجة أعلى من القلق لكنها لم تقارن بدرجة القلق لدى الفتيان الفلسطينيين من غزة، وقد فسر الباحث هذه النتيجة بكثرة مصادر الضغط  المرتبط بالاحتلال بالنسبة للأطفال الفلسطينيين من غزة."البدور ،مجلة الشباب والمراهقين،عدد 27،رقم 5،1998،جامعة بن جوريون"
8-دراسة أبو هين وراسوخ 1993:
أجرى (أبو هين وراسوخ 1993) دراسة مقارنة لدرجات القلق وردود الفعل النفسية الناتجة عن العنف الذي تعرض له الأطفال الفلسطينيين خلال الانتفاضة مقارنة بالعنف وردود الفعل التي نتجت لدى الأطفال الإسرائيليين الناتجة عن تعرضهم للقصف الصاروخي العراقي بصواريخ سكود خلال حرب الخليج 1990 ،وقد تم استخدام بعض الأدوات الدراسية لقياس القلق وحجم الصدمات النفسية التي تعرض لها كل طرف من المبحوثين، وقد كانت عينة الأطفال الفلسطينيين تقدر بحوالي 1222 طفل من سن 6-12 سنة نفي مقابل 277 طفل إسرائيلي تمت دراستهم ،وقد تبين أن درجات القلق لدى الأطفال الإسرائيليين كانت أعلى منها بكثير من الأطفال الفلسطينيين،وقد فسر الباحثين هذه النتيجة بقدرة الأطفال الفلسطينيين على تطوير وسائل تكيف مع الأحداث وتأقلم مع الصعوبات وإحساس الطفل الفلسطيني بان معاناته جزء من الواجب الوطني،بخلاف الطفل الإسرائيلي الذي شعر نفسه بالاستهداف وانه ضحية للقصف الصاروخي.كذلك مواجهة الطفل الفلسطيني للعديد من أشكال المساندة الاجتماعية والتقدير ،بينما لم يستطيع الطفل الإسرائيلي خلال هذه التجربة الأولى أن يطور لنفسه وسائل تأقلم بجانب عجز الآباء من تقديم المساعدة بصورة انعكست في ارتفاع واضح في درجات القلق لدى الأطفال الإسرائيليين. "أبو هين وراسوخ،المجلة الأمريكية لدراسات الضغط النفسي،عدد4 ،1994،واشنطن"
9-دراسة أبو هين وسزاتان 1996 :
أجرى (أبو هين وسزاتان 1996) حول تأثير الترفيه وممارسة الأنشطة الحركية على خفض التوتر النفسي والمشاكل الانفعالية لدى الأطفال في البيئات الخطرة التي يتعرض فيها الأطفال للحرب. وقد تمت الدراسة على عينة من الأطفال الفلسطينيين يقدر عددهم 133 طفل من خان يونس ممن يتلقون تدريب وتفريغ مستمر في نادي الشروق والأمل ، وعدد مماثل من أطفال رفح ممن حرموا الفرصة للتفريغ الانفعالي ، وقد استخدم الباحثان مقياس روتر لهذا الغرض
وقد أظهرت النتائج عبر مراحل الدراسة الطولية الثلاث أن أطفال منطقة خان يونس أقل مشاكل من الناحية السلوكية والانفعالية،وقد كانت قدرات التركيز والعمل العلمي أفضل لديهم وقد فسر الباحثان هذه النتيجة بأثر البيئة المريحة التي يمارس فيها الطفل الأنشطة الحركية على خفض معدلات القلق والتوتر، فبالحركة يستطيع الطفل أن يجد لنفسه فرصة إخراج جميع التوترات النفسية التي تظل عالقة داخله من جراء الظروف الصعبة والتعرض للأحداث."أبو هين وسزاتان 1996،المعهد الدولي لأطفال لاجئي العالم:باريس".
10-دراسة البدور 1999 :
أجرى (البدور 1999) دراسة حول تأثير التعرض لمذبحة الحرم الإبراهيمي بالخليل بالضفة الغربية على الصحة النفسية للأطفال وعائلاتهم،وقد طبقت الدراسة على أطفال وعائلات الشهداء الذين قتلوا خلال مذبحة يوم 25/2/1994 وقد أستخدم الباحث الاختبارات  التالية وهي أعراض الصدمات النفسية واختبار قائمة الأعراض المرضية "90" وقد أظهرت النتائج ما يلي :
  1.         أن حوالي 50% من أبناء الشهداء"الفتيات" ظهرت لديهم أعراض الصدمات النفسية.
  2.         أن حوالي 39% من نساء الشهداء ظهرت لديهم أعراض الصدمات النفسية.
  3.         أن حوالي 33% من أبناء الشهداء "الذكور" ظهرت لديهم أعراض الصدمات النفسية.
  4.         أكثر الأعراض النفسية كانت القلق والاكتئاب والانسحاب الاجتماعي."البدور:1999،مجلة الملخصات العلمية النفسية،جامعة بن جوريون"

11-دراسة بكر وآخرون 1993:
أجرى (بكر وآخرون 1993) دراسة حول واقع الطفل الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة من عدة نواحٍ "صحية نفسية اجتماعية وتربوية" وقد استخدم عدة اختبارات ولكن ما يهمنا هو الوضع والجانب النفسي من هذه الدراسة، وقد تم استخدام  اختبار القلق والاكتئاب وتقدير الذات على عينة من الأطفال الفلسطينيين بلغت حوالي 400 طفل من غزة وحوالي 700 طفل من الضفة الغربية ،وقد كان من نتائج الدراسة أن درجات القلق والاكتئاب لدى أطفال غزة أقل منها لدى أطفال الضفة الغربية بينما ،بينما أظهرت النتائج تراجعاً في درجات تقدير الذات لدى أطفال غزة وارتفاعاً لدى أطفال الضفة الغربية،وقد تم تفسير هذه النتيجة بدور المشاركة الفاعلة في فعاليات الانتفاضة والدعم النفسي والمعنوي الذي يلقاه الطفل من جراء التعرض لنتائج الخبرات الصعبة الناتجة عن الانتفاضة.
وآخرون "بكر:واقع الطفل الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة،مركز مصادر الطفولة المبكرة،القدس:1994" 
12-دراسة قوته 1993 :
أجرى (قوته 1993) دراسة لمعرفة تأثير منع التجوال على الأطفال الفلسطينيين ،وقد أتت الدراسة بعد قيام إسرائيل بإبعاد حوالي 415 فلسطيني إلى جنوب لبنان وفرضها منعاً شاملاً للتجوال ، منع على أثره خروج أي شخص من منزله،ويتعرض للخطر كل من يكسر هذا الإجراء ، وبعد ذلك قام الباحث بأخذ عينة من الأطفال بقدر عددها بحوالي 547 طفل ممن تقع أعمارهم بين 6-12 سنة ، وقد  استخدم الباحث اختبار روتر للتعرف على المشاكل النفسية والانفعالية الناتجة لدى الأطفال ،وقد تبين من الدراسة النتائج التالية:
       1.         أن حوالي 66% من الأطفال ظهرت لديهم مشاكل التناحر والتقاتل والعدوانية تجاه بعضهم البعض.
       2.         أن حوالي 55% من الأطفال أظهروا خوفاً من المواقف الجديدة.
       3.         أن حوالي 54% من الأطفال ظهرت عليهم العدوانية والعنف بسبب الضغط الذي تعرض له الأطفال والناتج عن حرمان الأطفال من الحركة واللعب والتفريغ خلال منع التجوال.      
                                  "قوته ،1993،برنامج غزة للصحة النفسية"   
13- دراسة قوته وبوناماكي 1995 :
أجرى (قوته وبوناماكي 1995) دراسة حول تأثير العنف على القدرات المعرفية للأطفال والذكاء وقد تكونت عينة الدراسة من 1323 طفل ممن تتراوح أعمارهم بين 7-15 سنة من مدارس قطاع غزة ، وقد تم استخدام عدد من المقاييس لهذا الغرض ، منها اختبار لقياس شدة التعرض للمواقف العنيفة واختبار للمخاطرة والمشاركة في فعاليات الانتفاضة وبعض اختبارات الذكاء والإبداع العقلي للأطفال ، وقد توصل الباحثان إلى نتيجة مفادها عدم وجود فروق دالة إحصائياً في المشاركة في الانتفاضة والتعرض للعنف بين الذكور والإناث أو بين الأطفال نتيجة السكن،بينما أظهرت الدراسة وجود فروق واضحة بين المشاركة في الانتفاضة والتعرض للعنف وبين القدرة العقلية خاصة التركيز والانتباه،حيث أن الأطفال الذين تعرضوا للعديد من المواقف والخبرات العنيفة كانوا اقل قدرة على إعادة الأرقام،وكذلك كلما زاد تعرض الأطفال للعنف ظهر ذلك في انخفاض قدرتهم على التركيز العقلي وظهر في تدني مستوى العمل والأداء العقلي للأطفال،وكذلك أظهرت النتائج أن الأطفال الذين شاركوا بفعالية وتعرضوا للعنف أكثر ظهرت لديهم أعراض نفسية اكبر وفقاً لمقياس أيزنك."قوته وبوناماكي ،1995،برنامج غزة للصحة النفسية" .
تعليق على الدراسات السابقة :
يتبين لنا من خلال الدراسات السابقة والتي طبقت كلها على موضوع الصدمات النفسية والتعرض للعنف ومدى الآثار التي تنتج لدى الفرد المتعرض للعنف على مجمل الحياة الانفعالية والنفسية للأطفال أو للفتيان المتعرضين . وقد أجريت معظم هذه الدراسات على المجتمع الفلسطيني وأخذت  من الأطفال الفلسطينيين موضوعاً للدراسة، وتكاد تتفق هذه الدراسات فيما بينها بأن التعرض للعنف يؤدي إلى نتائج سلبية على الصحة النفسية والسلوكية والانفعالية للأطفال. ولكن الملاحظ أن لم توجد إلا دراسة واحدة وهي دراسة قوتة وبوناماكي 1995 والتي دارت حول تأثير التعرض للعنف على القدرات العقلية والانفعالية للأطفال ، تبين منها بشكل معين أن التعرض للعنف والصدمات النفسية يؤدي إلى تنبيه حافزيه الطفل للمشاركة الفاعلة بل إلى المخاطرة بالحياة لأجل المشاركة، ولم يضع الباحثان تفسيراً لهذه النتيجة إلا أننا نستطيع القول أن هذه المشاركة الفاعلة والنتائج العنيفة التي يتعرض لها الطفل كنتاج لهذه المشاركة تجعل الطفل يحصل على مساندة انفعالية نفسية واجتماعية بصورة ترفع لديه تقدير الذات وتنمي لديه مفهوم القوة والوطنية وتعزز مفهوم المشاركة لدى الطفل بصورة تدفع الطفل للمشاركة بغض النظر عن النتائج ، وربما تضع لنا هذه النتيجة مفتاحاً نستطيع من خلاله الدخول إلى فهم العديد من مسببات ونتائج مشاركة الأطفال في الانتفاضة رغم إدراكهم المسبق بآثار مشاركتهم وما ستجلبه لهم من تعرض ومواجهه للمخاطر المتعددة،لكن بصورة عامة فطالما شعر الطفل بفقدان الأمن وأن  الوالدين غير قادرين على توفير الأمن للطفل فإن العديد من الأطفال تدافعوا إلى ساحات المواجهة حيث الخطر  المتعدد الأنواع وبذلك تلفت مشاركة الطفل في الأحداث وحجم تعرضه للمخاطر تلفت النظر إلى الحاجة الماسة لدى الطفل لأجل الحصول على الأمان والاستقرار خاصة وان العديد منهم شاهدوا تعرض والديهم للأحداث الصعبة أمام أعينهم، وبالتالي تصبح حاجة الطفل للأمن من أهم دوافع مواجهة الطفل للمخاطر،إضافةً لأننا لم نجد من الدراسات السابقة من تحدثت عن انعكاس الأحداث على الوالدين بخلاف دراسة البدور 1999 ومن هنا تكمن أهمية هذه الدراسة الحالية والتي تأخذ من الوالدين أيضاً موضوعاً لها لتبين لنا حجم تعرض الأبناء للمخاطر وعلاقتها بدرجة التأثير لدى الوالدين، وكذلك تركيز الدراسات على السلبيات من هذا التعرض خاصةً وأنها خرجت بالعديد من النتائج التي توضح الآثار السلبية للتعرض للعنف  ومخاطره بصورة تجعلنا نفكر بمنطقية انحسار مشاركة الأطفال في الأحداث وبالتالي انحسار تعرضهم للمخاطر ، وربما نتوقع من خلال هذا التفسير تراجعاً للمشاركة من قبل الأطفال ، إلا أننا ومن خلال مشاهدتنا الميدانية وجدنا تزاحماً وتزايداً لعدد الأطفال المشاركين في فعاليات الانتفاضة ، وربما نجد من خلال هذه الدراسة تفسيراً علمياً لتزاحم وتدافع وتنامي مشاركة الأطفال في فعاليات الانتفاضة رغم حجم العنف الإسرائيلي الممارس ضد الأطفال.
وبما أن الدراسات السابقة تكاد كلها تأخذ من الطفل الفلسطيني والأحداث الجارية موضوعاً لها فقد  استفاد الباحث منها في العديد من النقاط منها الأدوات التي استخدمت في الدراسات إضافةً للإطار النظري وتفسير النتائج والعينة الدراسية ،ولم توجد أي دراسة على صعيد العالم العربي أو فلسطين تحدثت عن تأثير الانسحاب الإسرائيلي على الأطفال والوالدين،لذلك سوف تكون هذه الدراسة بمثابة الدراسة الأولى حسب علم الباحث.
منهج الدراسة وإجراءاتها :
1-   العينة:
أ. الدراسة القبلية :
تم اختيار عينة الدراسة القبلية بشكل عشوائي،حيث تم تقسيم كل محافظة من المحافظات الأربع إلى أربع أقسام حسب التوزيع الموجود في المحافظات والبلديات ومنها إلى بلوكات خاصة المناطق الموجود بها مخيمات، وقد تم تكليف طلبة الدبلوم الخاص في علم النفس بجمع المعلومات من الميدان بعد أن  تم تدريبهم على كيفية العمل مع الأهالي وعلى ضرورة أخذ الأرقام الفردية من المنازل بحيث يتم أخذ أرقام 1-3-5-7- وهكذا في المناطق  الأربع،وقد بلغ مجموع أفراد العينة المشاركين في الدراسة 2300 أسرة ، وبلغ عدد الأطفال ممن تقع أعمارهم بين 6-13 سنة ، التي أدخلت بطاقاتهم للحاسوب حوالي 2286 وكانت عدد 14 بطاقة غير مكتملة فتم حذفها واعتبرت من ضمن المفقود.
بلغ عدد الذكور في العينة حوالي 1055 طفل بمعدل 47% من المجموع العام للمشاركين في البحث،وأما عدد الإناث فكان 1231 طفلة بمعدل 53% من المعدل العام،وقد كان توزيعهم حسب المناطق كالتالي:
ب:الدراسة البعدية :
وقد تم تطبيق الدراسة على عينة من نفس الأطفال يقدر عددهم حوالي 960 طفل تم اختيارهم بنفس الطريقة السابقة وذلك من خلال نفس الطاقم الذي قام بتطبيق الدراسة في المرحلة الأولى.
2-أداة الدراسة:
تم تصميم أداة الدراسة بحيث وضعت البنود لقياس ما يريد البحث الوصول إليه وهو دراسة درجة المشاكل النفسية الانفعالية والسلوكية للأطفال والوالدين ،وأثر المعاناة الاقتصادية في خلق معاناة نفسية للوالدين والأطفال، وعلاقة الانسحاب الإسرائيلي بالمشاكل النفسية والانفعالية للأطفال والوالدين ، فتكونت أداة الدراسة من التالي:
  1.  عدد خمسة بنود توجه للآباء عن مدى تأثر الحياة الاقتصادية للأسرة .
  2.  ستة مجالات للتغير النفسي لدى الأب ، ومدى ودرجة تأثر الأب النفسي والسلوكي من جراء ذلك.
  3.  سبعة بنود للتغير النفسي لدى الأم ، ومدى ودرجة تأثر الأم النفسي والسلوكي من جراء ذلك.
  4.  تسع وعشرون بنداً عن مجالات تغير نفسي وسلوكي وانفعالي لدى الأبناء وتعكس درجة تأثر الطفل بما يدور حوله من أحداث.
تم اعتماد البطاقة بصورتها النهائية بعد عرضها على عدد من الباحثين العاملين في المجال النفسي والاجتماعي سواء من مدرسي الجامعات أو العاملين في المؤسسات المهنية الغير حكومية وعددهم تسعة أخصائيين، وقد بلغت نسبة الصدق فيها بين المحكمين 92% وقد تم تطبيق الأداة على عينة استطلاعية مكونة من 88 طفل تم بعد ثلاث أسابيع إعادة التطبيق مرة أخرى فكان معدل الثبات للأداة بين التطبيق الأول والثاني  هو 0,1 وهي نسبة عالية تمكننا من تطبيقها باطمئنان.
فروض الدراسة :
من خلال صياغة مشكلة الدراسة ومن خلال بعض الافتراضات التي تم وضعها في الحسبان خلال الدراسة تم صياغة الفروض التالية :
       1.         ترتفع درجة المشاكل النفسية والانفعالية للأطفال بصورة عامة.
       2.         لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية  في درجة مشاكل الأطفال النفسية والانفعالية قبل وبعد الانسحاب تعزى لمتغير مكان الإقامة.
       3.         ترتفع درجة المشاكل النفسية والانفعالية لدى الآباء بصورة عامة.
       4.         لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية في حدة المشاكل النفسية والانفعالية للآباء قبل وبعد الانسحاب تعزى لمكان الإقامة. 





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق